• السعودية تواجه أبرز تحدياتها النفطية بمركز وطني لترشيد الطاقة

    21/10/2010

    الأمير عبد العزيز بن سلمان: المركز يعنى بتوفير البرامج والقوانين والسياسات الخاصة بكفاءة السوق  السعودية تواجه أبرز تحدياتها النفطية بمركز وطني لترشيد الطاقة






     
     
    كشف الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول أمس، عن عزم المملكة إنشاء مركز وطني لترشيد استخدام الطاقة يهتم بتوفير البرامج في هذا المجال، وإيجاد القوانين والسياسات الخاصة بكفاءة السوق. وقال الأمير عبد العزيز، على هامش مشاركته في جلسات الندوة الدولية للطاقة التي أنهت أعمالها أمس في الرياض، إن المركز الذي ستستضيفه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية سيعنى بتوفير البرامج المتعلقة بترشيد الطاقة من خلال تطبيق التقنيات المناسبة وإيجاد الأطر القانونية اللازمة لتحقيق تلك الغاية، لافتا في هذا الصدد إلى أن التفاصيل كافة عن هذا المركز ستعلن قريبا بعد استكمال إجراءات إنشائه. ويأتي هذا التوجه من قبل المملكة - بحسب مراقبين اقتصاديين - في ظل ما تواجهه من تحديات محلية لا بد من تذليلها سعيا للاستفادة القصوى من قطاع الصناعة النفطية في البلاد، والتي من أبرزها استمرار النمط الحالي المرتفع في استهلاك المنتجات النفطية في المملكة مما قد يؤدي إلى التأثير في حجم الصادرات وفي دخل البلاد، وهو الأمر الذي يراه المراقبون يستوجب الشروع في بناء برنامج وطني لترشيد استهلاك الطاقة يُراعي وضع المملكة ومرحلة النمو التي تمر بها، وضرورة الاستخدام الأمثل للطاقة في القطاعات المختلفة بما يعكس التكلفة الحقيقية للموارد النفطية واستمرارها للأجيال المقبلة. وارتفع الاستهلاك المحلي من النفط بنهاية عام 2009 نحو 6.4 في المائة ليسجل 1035.4 مليون برميل وفق أحدث السجلات الحكومية، في الوقت الذي انخفض الإنتاج الكلي للمملكة من النفط الخام خلال الفترة ذاتها بنسبة 11.3 في المائة ليبلغ 2987.3 مليون برميل، وهو ما يعني أن الاستهلاك المحلي يقتطع ما يقرب من 34 في المائة من الكميات المنتجة. ويتخوف المراقبون من تأثير استمرار نمو الاستهلاك المحلي من المنتجات المكررة بشكل مطرد على اعتبار أن الدخل الرئيسي للدولة يعتمد على العائدات المالية من هذه السلعة، في الوقت الذي تباع كثير من المنتجات محليا بأقل من أسعارها الحقيقية، وتكبد الخزانة العامة أكثر من 30 مليار ريال سنويا عبارة عن دعم للمستهلك النهائي. وتدعم الدولة الوقود بشكل عام مثل الديزل والوقود، وألغت خلال العامين الماضيين خطة لتعديل أسعار البنزين بحيث تباع بسعر يقترب من أسعار التكلفة، ودفع ذلك إلى ارتفاع الاستهلاك بشكل جلي. ويقول خبراء إن النسبة العظمى من الدعم تذهب إلى الشركات أو العمالة التي تستخدم السيارات بشكل مكثف، في حين كان الهدف من الدعم توفير الرفاهية للمواطن بالدرجة الأولى. لكن آخرون يرون أن غياب وسائل النقل العام في المدن السعودية يفاقم المشكلة، ويؤجل أي خطط لتعديل سعر بيع المشتقات النفطية في المملكة. وخلال العام الماضي تراجع إنتاج النفط الخام بنسبة 11.3 في المائة ليبلغ 2987 مليون برميل مقارنة بـ 3366 مليون برميل في 2008 وهو ما يعني أن معدل إنتاج المملكة اليومي من النفط خلال العام بلغ 8.2 مليون برميل. في السياق ذاته تراجع الإنتاج من المنتجات المكررة بنسبة 3.3 في المائة ليبلغ 697 مليون برميل مقارنة بـ 721 مليون برميل في 2008، وقابل ذلك ارتفاع إجمالي الاستهلاك المحلي من المنتجات المكررة بنسبة 3.7 في المائة لتصل إلى 1151 مليون برميل مقارنة بـ 1110 ملايين برميل في 2008. وجاءت هذه الزيادة نتيجة ارتفاع الاستهلاك العام 6.4 في المائة إلى 1035 مليون برميل على الرغم من انخفاض استهلاك قطاع صناعة النفط. وتصدر الغاز الطبيعي المنتجات المستهلكة بنحو 36 في المائة من الزيادة، في حين شكل الديزل 20 في المائة منها، والبنزين 14 في المائة وزيت الوقود 7.3 في المائة، والزيت الخام 15 في المائة.
     
     
     
     

    «أوبك» والمنظمات العالمية
     
     
     
    إلى ذلك، أكد الأمير عبد العزيز بن سلمان أثناء ترؤسه جلسة تحت عنوان "العلاقات بين "أوبك" والمنظمات العالمية الأخرى"، أهمية الحوار بين المنتجين والمستهلكين للنفط والغاز، وكذلك إيجاد بيئة للنقاش البناء بين المنظمات الثلاث "أوبك"، وكالة الطاقة الدولية، والأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي، بهدف ضمان الإمدادات النفطية واستقرار أسعار الخام في السوق بمستويات تحافظ على مصالح الجميع وتدعم التنمية المستدامة لشعوب العالم، واعتماد الوضوح والشفافية في الحوار الذي يجب ألا ترافقه مخاوف سياسية للخروج بحلول عملية لمعالجة جميع القضايا التي تحيق بصناعة الطاقة وقضايا المناخ والبيئة، إلى جانب التوسع في الاستثمارات والبحوث التقنية التي تعظم من استخدامات النفط والغاز وتسهم في دعم البرامج التنموية والبيئية. من جانبه، أشار المهندس عبد الله البدري أمين عام "أوبك" إلى أن المنظمة واجهت في بداية التأسيس بعض الصعوبات، بيد أنها تمكنت من تخطي جميع العقبات وشقت طريقها نحو التميز وتعزيز دور الدول الأعضاء في الاقتصاد العالمي. وأكد أن المنظمة تعمل على تعميق الحوار مع المستهلكين وجميع المنظمات الأخرى بهدف إيجاد بيئة مشتركة تضمن الاستقرار للإمدادات، ولأسعار النفط بما يحقق الاستفادة من الثروات الهيدروكربونية وتسخير عائداتها للتنمية المستدامة وإصلاح البيئة. وشدد البدري على ضرورة أن تكون هناك شفافية في حجم الطلب من الدول المستهلكة، وإعطاء تصوراتهم للمنظمة بشأن أمن الطلب وتأثير السياسات الطاقوية البيئية في الطلب النفطي من أجل رسم الخطط التي تضمن أمن وتدفق الإمدادات بصورة لا تؤثر في الأسعار. كما أكد ضرورة البحث عن تقنيات جديدة لتحسين كفاءة الإنتاج، موضحا أن "أوبك" تحافظ على مستوى جيد من التعاون مع وكالة الطاقة الدولية، والمفوضية الأوروبية، وكذلك منتدى الطاقة الدولي، من أجل الاستفادة من خبراتهم والتقنيات الحديثة التي تمتلكها دولهم. وبين أن المنظمة تعمل على مبادرات جديدة للشفافية في مجال معلومات النفط والغاز، كما أن لديها ورش عمل لتطوير تقنية إنتاج مصادر الطاقة. من جانبه، أقر نوبو تاناكا الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، أن تقلبات الأسعار وعدم استقرار السوق ليست في مصلحة الاقتصاد العالمي، وأنه يتوجب إيجاد تعاون وثيق بين المنتجين والمستهلكين لتحقيق أمن الطاقة، وتفادي تبعات الأزمة المالية، ومعالجة مشكلات المناخ والفقر في الدول النامية. وأبان في ورقته أن الوكالة تدعم جهود "أوبك" في توفير إمدادات الطاقة بأسعار مناسبة للجميع، مؤكدا أن الوكالة تنتهج أسلوب الحوار لا المواجهة مع الدولة المنتجة للنفط. وقال إن المحادثات مع المنظمة أثمرت عن نتائج بناءة، ونحن نعمل على تعميق الحوار بين الأطراف الثلاثة: "أوبك" والوكالة الدولية والأمانة العامة لمنتدى الطاقة الدولي. وطالب تاناكا بضرورة تكاتف الجهود الدولية من أجل توفير مصادر الطاقة إلى الشعوب الفقيرة، مشيرا إلى أن هناك نحو 1.4 مليار شخص في العالم لا تصلهم الكهرباء و2.7 مليار شخص يعتمدون على الطاقة الحيوية في الطبخ ما يفضي إلى مشكلات صحية واقتصادية. وتوقع أن ترتفع مساهمة دول "أوبك" في توفير مصادر الطاقة من 41 في المائة خلال عام 2009 إلى نحو 52 في المائة في 2030، وهو ما يعاظم أهمية المنظمة ويحتم التماسك لأن الجميع في قارب واحد. إلى ذلك، قال نوفان هولست الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، أن المنتدى نشأ لتعميق الحوار بين المنتجين والمستهلكين، وكان للمملكة دور فاعل في تأسيس المنتدى ودعمه، مبينا أن المنتدى يعتمد منهج الشفافية والصراحة وعدم الرسمية في جميع الحوار بين المنتجين والمستهلكين بهدف الوصول إلى نتائج مثمرة للجميع. وأكد أنه حقق عديدا من النجاحات رغم حداثة تأسيسه حيث تم إنشاء مركز جودي للمعلومات والذي يشتمل على معلومات حديثه عن النفط في الدول المنتجة، متطلعا إلى مزيد من الحوار بين المنظمات الثلاث. ولفت الى أن لدى المنتدى لقاءات دورية مع مجموعة العشرين لتطوير شفافية المعلومات والمبادرات الخاصة بالنفط والغاز. كما أن الأمانة العامة للمنتدى تعتزم إجراء مباحثات مع عدد من المنظمات في شباط (فبراير) المقبل للخروج بأفكار تسهم في دعم توضيح حجم الطلب على النفط والغاز. من جانب آخر، أبان فوزي بنساسا المستشار في مجال الطاقة الدولية في المفوضية الأوروبية، الحاجة إلى التعاون بين المنتجين والمستهلكين لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة في المستقبل، مشيرا إلى أن روح التعاون موجودة لدى الجميع، وأن الهوة بين المنتجين والمستهلكين تضاءلت، متوقعا أن يرتفع الطلب على النفط خلال عام 2020م وهو ما يؤكد أهمية الحوار البناء لمواجهة التحديات المستقبلية. وأشار إلى أن المفوضية اتفقت مع "أوبك" على إجراء حوار في العام المقبل 2011 بهدف رفع كفاءة الطاقة وتحسين التقنيات والقضايا البيئية وتوسيع الاستثمارات الطاقوية.
    سوق النفط العالمية
    وفي السياق ذاته، أكد خبراء دوليون في شؤون النفط والغاز عبر أوراق عمل قدمت في الجلسة الثانية بعنوان "الدور المستقبلي للأوبك في سوق النفط العالمية" وترأسها الدكتور عبد الرحمن التويجري رئيس هيئة سوق المال السعودية، نجاح "أوبك" من خلال إدارة السوق النفطية ومراقبتها على مدى السنوات الماضية في امتصاص عديد من الصدمات والأزمات التي تعرضت لها السوق، مشيرين إلى أنها تمكنت من التغلب على ذلك من خلال التفاهم العميق بين أعضائها، حيث أصبحت لاعبا رئيسا في أسواق الطاقة العالمية. وألمح الخبراء إلى أن تذبذب الأسعار من أهم العقبات التي تواجه المخططين في "أوبك"، ولذلك يجب أن تعطى عناية فائقة، داعين إلى أهمية الشفافية في معلومات الطاقة وخاصة حجم الطلب على النفط، إلى جانب ضرورة توسيع الاستثمارات في مجالي الصناعات الأولية والصناعات التحويلية في ظل النمو الاقتصادي العالمي المتوقع.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية